هل ألم، ألر، حم، ق... هي أحرف إعجاز في القرءان الكريم؟ (1)

Raed's picture
Author: Raed / Date: Mon, 02/01/2016 - 15:37 /

 

هل ألم، ألر، حم، ق... هي أحرف إعجاز في القرءان الكريم؟ (1)

 

1. إذا قرأنا القرءان الكريم نجد أن كثيرًا من سُورِهِ تبدأ آياتها بالأحرف الأبجدية، مثلأً ألم، ألر، حم، ق، إلخ...، تلك الأحرف سُمِّيت بالمتعارف عليه بِأحرف الإعجاز، هذه التسمية أتت بسبب عدم استطاعة جهلاء الدين فهم تلك الأحرف ومعرفة سبب وجودها في القرءان الكريم. إذًا فإن تسمية أحرف الإعجاز أتت بسبب عجزهم عن فهم سبب نزول تلك الأحرف كآية من آيات القرءان الكريم. ولكن هل صحيح أنَّ تلك الأحرف هي أحرف إعجاز؟ وهل صحيح أنَّ الله تعالى أراد فعلاً أن يضع لنا في القرءان الكريم آيات تُعجِزُنا عن فهم معانيها؟ وهل تلك الأحرف لغز علينا حلُّهُ؟

 

2. إذا نظرنا في الأمر من خلال القرءان الكريم، نجد تناقضًا كبيرًا يقع ما بين معاني آيات الله العظيمة وما ذُكِرَ أعلاه. فمثلاً، إذا نظرنا في بعض الآيات من سُور هود، الإسراء، الكهف، الزمر، وفُصَّلَت، في القرءان الكريم نجد هذا التناقض واضحًا، ونجد أن تلك الآيات تعطينا تأكيدًا قويًا على أن الله سُبحانهُ وتعالى من المستحيل أن يعطينا آيات يُعْجَزُ فَهمُها أو تفسيرها، فهو سُبحانه وتعالى قد فصَّلَ لنا كل شيء، كما أخبرنا في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ هُود
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

الٓر‌ۚ كِتَـٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَـٰتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١).

سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَلَقَدۡ جِئۡنَـٰهُم بِكِتَـٰبٍ فَصَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ هُدًى وَرَحۡمَةً لِّقَوۡمٍ يُؤۡمِنُونَ (٥٢).

سُوۡرَةُ الاٴنعَام 
أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ إِلَيۡڪُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّ‌ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ (١١٤).

سُوۡرَةُ الإسرَاء
وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّہَارَ ءَايَتَيۡنِ‌ۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّہَارِ مُبۡصِرَةً لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلاً مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَ‌ۚ وَڪُلَّ شَىۡءٍ فَصَّلۡنَـٰهُ تَفۡصِيلاً (١٢).

سُوۡرَةُ فُصّلَت
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

حمٓ (١) تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ (٢) كِتَـٰبٌ فُصِّلَتۡ ءَايَـٰتُهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا لِّقَوۡمٍ يَعۡلَمُونَ (٣).

سُوۡرَةُ الکهف
وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن ڪُلِّ مَثَلٍ‌ۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَڪۡثَرَ شَىۡءٍ جَدَلاً (٥٤).

سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِى عِوَجٍ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ (٢٨).

 

3. إذا قرأنا آية 22 من سورة الروم نجد أن الله تعالى يُعرِّفنا فيها على آيات الخلق إبتداءً بخلق السماوات والأرض وانتهاءً بخلق الألسنة (اختلاف اللغات) والألوان (اختلاف الأمم):

سُوۡرَةُ الرُّوم
وَمِنۡ ءَايَـٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفُ أَلۡسِنَتِڪُمۡ وَأَلۡوَانِكُمۡ‌ۚ إِنَّ فِى ذَالِكَ لَأَيَـٰتٍ لِّلۡعَـٰلِمِينَ (٢٢).

لقد أخبرنا الله عز وجل في آية 22 من سورة الروم أنَّ خلق السماوات والأرض آية من آياتِهِ، وأخبرنا أيضًا أنَّ اختلاف ألواننا هو أيضًا  آية من آياتِهِ، وكذلك الأمر بالنسبة لاختلاف ألسنتنا. إذًا فإنَّ آياتِهِ ليست فقط آيات السماوات والأرض، ولكنها أيضًا آيات اختلاف الألسنة والألوان. واختلاف الألسنة هو اختلاف اللغات بين الأمم، واللغات لا تتألف إلّا بواسطة حروفها الأبجدية الّتي هي أساس وجود تلك اللغات. وبما أن القرءان الكريم قد أُنزِل باللغة العربية وذُكِرَ فيه جميع أنواع خلق الله كآيات، كذلك ذُكِرت فيه الأحرف الأبجدية أيضًا كآية. وبما أن جميع تلك الآيات هي آيات موجودة في القرءان الكريم أنزلها الله تعالى وحيًا على الرسول محمد، إذًا  فإنَّ الأحرف الأبجدية كحرف الألف والّلام والميم والصاد والكاف وغيرها الَّتي هي أساس اللغة العربية هي أيضًا آيات موجودة في القرءان الكريم وأُنزلت وحيًا على الرسول محمد، ولذلك أنزلها الله عز وجل في القرءان كآيات مختلفة الأحرف مثل ألم، حم، ألر، طسم، وغيرها، ولقد وضعها تعالى في كثير من سُوَرِ القرءان وفي بدايتها لأنها جزءٌ لا يتجزَّأ من علمه ولأنها أساس تكوين الكلمات والآيات والسُوَر في القرءان الكريم.

للتوضيح أكثر، مثلاً اللغة العربية هي آية من آيات الله، وهي تتألَّف من أحرف أبجدية، كحرف الألف (أ) وحرف اللام (ل) وحرف الرّاء (ر) وحرف الميم (م) وحرف الكاف (ك) إلى آخره، ولذلك فإنَّ كل حرف يؤلِّف تلك اللغة هو آية من آيات الله، ونحن إذا جمعنا تلك الأحرف مع بعضها كحرف الألف وحرف اللام وحرف الميم نستطيع أن نُكوِّن من تلك الحروف كلمة يُمكن أن تُصبح تلك الكلمة "ألم" أو "طسم"، وإذا جمعنا تلك الأحرف مع بعضها بالطريقة الصحيحة تُصبح الكلمة لها معنى، وإذا جمعنا تلك الكلمات مع بعضها بتناسُق صحيح فسوف يكون لدينا جُملة (آية) لها معنى، وإذا جمعنا تلك الجُمَل مع بعضها بالطريقة الصحيحة فسوف يكون لدينا جُمَل (آيات وسُوَرْ)، وإذا جمعنا جميع تلك الآيات مع بعضها بتناسُق وانتظام يُصبِح لدينا كتاب مُحكم المعنى (القرءان الكريم).

إنَّ هذا ما أراد الله عز وجل أن يبيِّنه لنا. لقد أرادنا أن ننتبه إلى أنَّ لغة القرءان هي لُغة عربية صُنِعت بواسطة حروفها، مثلاً كحرف الألف وحرف اللام وحرف الميم وحرف الراء وكغيرها من الحروف، لذلك فإنَّ كل كلمة وكل آية وكل سورة وردت في القرءان هي مؤلَّفة من تلك الحروف، ولولا تلك الحروف لا وجود لكلمات تعطينا معاني وعبر وأمثال وحِكم، ولولا تلك الحروف لا وجود لكتاب القرءان. وبما أنَّ تلك الحروف هي أحرف عربية لُغويًا وهي أساس تكوين لغة القرءان، إذًا يُصبح القرءان أيضًا عربيًّا بلُغتِهِ. من أجل ذلك وضع الله عز وجل لنا تلك الأحرف كآية من آيات القرءان لكي يجعلنا ننتبه إلى كل كلمة صغيرة وكبيرة وردت فيه ويُذكِّرنا أنَّها لُغويًّا عربية الأصل، فنتوقَّف عند كل كلمة من كلمات القرءان بهدف تدبُّرها. إذًا فإنَّ الهدف من وجود تلك الأحرُف الأبجدية العربية كأسماء سُور وكآيات في بداية السُور، هو أن يدلنا على أنَّ القرءان الكريم هو قرءان عربي ولا يُفهم أو يُبيَّن إلاَّ من خلال لُغتِهِ العربيِّة الّتي بيَّنها الله عز وجل وفسَّرها لنا في القرءان من خلال لغة القرءان نفسه. ولذلك علينا الوقوف عند كل كلمة في القرءان لكي نتدبر معناها، وعلينا أن نجمع جميع تلك الكلمات ومعانيها لكي نستطيع أن نفهم معاني الآيات، وعلينا أن نجمع جميع تلك  الآيات ومعانيها لكي نستطيع أن نفهم القرءان.

 

4. ربما يتساءل البعض لماذا لم تُذْكَر جميع الأحرف الأبجدية كآيات؟ الجواب أيضًا واضح. إنَّ الله تعالى لم يذكر لنا مثلاً قصص جميع الأنبياء والرُسُل، لأنَّ المغزى من ذلك هو الإكتفاء بأخذ العبر من بعض قصص الأنبياء لكي نتَّبِع خُطاهم ونؤمن برسالاتهم الّتي في النهاية هي واحدة لجميع الأنبياء والرُّسُل وقانونها وشريعتها واحدة. وكذلك الأمر بالنسبة للأحرف الأبجدية فإنَّ المغزى هو الإكتفاء بتلك الأحرف وأخذ العبرة منها ألا وهي، أنَّ لغة القرءان أنزلت باللغة العربية، وأنَّ اللغة هي آية من آيات الله، وأنَّ تلك الأحرف الّتي هي أساس اللغة العربية هي أم الّلغة العربية أي أساس لغة وعلم القرءان، وأنَّ هذه الأحرف علَّمنا الله تعالى إيّاها مُنذُ بدأ خلق الإنسان، وطوَّرها الإنسان عبر الزمن بِعِلم ووحي من الله عز وجل. نجد ما ذكرت في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ النِّسَاء
إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ‌ۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡمَـٰعِيلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَـٰرُونَ وَسُلَيۡمَـٰنَ‌ۚ وَءَاتَيۡنَا دَاوُ ۥدَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلاً قَدۡ قَصَصۡنَـٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلاً لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَ‌ۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَڪۡلِيمًا (١٦٤).

سُوۡرَةُ غَافر
وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلاً مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِىَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِىَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ (٧٨).

 

 5. وإذا تساءل البعض لماذا سُمِّيت أيضًا بعض السُّوَر القرءانية بالأحرف الأبجدية مثل سورة ق، سورة ص، سورة يس، وسورة طه، الجواب واضح وهو:

أولاً، إنَّ الله تعالى قد ذكر لنا سورة البقرة، سورة النحل، سورة مريم، سورة العنكبوت وسُور أخرى كثيرة، تلك الأسماء الَّتي سُمِّيَت بها هذه السُّوَر هي آيات من آيات الله. فالبقرة والنحل ومريم والعنكبوت هي آيات من آيات الله، وكذالك الأحرف الأبجدية مثل حرف ق، وحرف ص، وحرفي يس، وحرفي طه الّتي هي أسماء لِسُوَرْ في القرءان هي أيضًا آية من آيات الله.

وثانيًا، إنَّ سورة ق وص ويس وطه تبدأ آيات تلك السُورْ بإعطاء صفة أو لقَب للقرءان: "ص والقرءان ذي الذِّكر"، وبتعريفِهِ بتعظيمِهِ: "ق والقرءان المجيد"، وبإظهار قيمته: "يس والقرءان الحكيم"، وبتبيان الهدف من تنزيله: "طه ما أنزلنا عليك القرءان لِتشقى".

 

6. إن الانسان مهما كتب أو ألف من كتب ومهما كانت قوة علمه باللغة العربية لا ولم ولن يفكر أبدًا أن يؤلف كتابًا يكتب في بدايته أحرفًا أبجدية، لأنَّ تلك الأحرف ليست من صُنعِهِ أو اختراعِهِ أنشأها وابتدعها من نفسِهِ وبِعِلمِهِ، أي هي ليست آية من آياتِهِ. ولذلك فإنَّ الأسلوب البشري في الكتابة مختلف تمامًا عن الأسلوب الإلاهي الّذي ليس له مثيل. فالإنسان لم يخلق اللغة بل علّمهُ الله تعالى إيّاها، فتصبح بذلك اللغة آية من آيات الله، ويُصبِح أساس تلك الّلغة (الّتي هي حروفها الأبجدية) علم من علم الله وليست من علم الإنسان، فالله عز وجل هو الّذي يعطي العلم للإنسان، أمّا الإنسان فهو يستخدم هذا العلم ويتوصَّلْ إلى معرفتِهِ ويُطوِّرُهُ بِعِلمٍ وبوحيٍ من الله، لأنَّ الله سُبحانه وتعالى هو الّذي يُعطي القدرة العقلية للإنسان، وهو منبع اللغات وجميع العلوم.

الآيات الّتي تدلنا على أنَّ الله عز وجل هو منبع الّلغات وجميع العلوم، وأنَّ جميع العلوم الّتي توصَّل إليها الإنسان وما زال، والّتي استخدمها في حياتِهِ وما زال، علّمها الله تعالى لهُ بوحيٍ منه، نجدها في سورة يوسف والنمل:

سُوۡرَةُ یُوسُف
... نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَآءُ‌ۗ وَفَوۡقَ ڪُلِّ ذِى عِلۡمٍ عَلِيمٌ (٧٦).

إنَّ كل إنسان "ذو عِلم" يوجد فوقهُ إلآهٌ عليم علَّمَهُ هذا العِلم. هذا يُثبِت لنا أنَّ الإنسان لم ولن يستطيع أن يأتي بِعِلمٍ من نفسِهِ من دون الله العليم. وهذا يُثبت لنا أيضًا أنّه لا وجود لأيِّ نوعٍ من العلوم في هذه الأرض من دون الله سُبحانه وتعالى، الّذي هو المُعلِّم الأوَّل والأخير لجميع العلوم الّتي نتوصَّل إليها ونتعلَّمها في حياتنا.

سُوۡرَةُ النَّمل
إِنِّى وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةً تَمۡلِڪُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن ڪُلِّ شَىۡءٍ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا يَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمۡ لَا يَهۡتَدُونَ (٢٤) أَلَّا يَسۡجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِى يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ (٢٥) ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ (٢٦).

"عرش ملكة سبأ العظيم" في آية 23 هو العلم العظيم الّذي توصلت إليه ملكة سبأ وقومها، والّذي كانوا يستخدمونه في حياتهم، وهذا العلم العظيم هو التطور العلمي الكبير الّذي توصَّلوا إليه وكانوا يستخدمونه في حياتهم. وهذا العلم العظيم له ربٌّ عظيم ومُعلِّم عليم، علَّم ملكة سبأ وقومها هذا العلم. هذا ما بيَّنه الله عز وجل لنا في آية 26 بقوله: "ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ"، أي الله سبحانه وتعالى هو وحدهُ الرب (أي المسؤول) عن هذا العلم العظيم، أي هو وحدهُ سُبحانه صاحب هذا العلم العظيم الّذي أعطاهُ إلى ملكة سبأ وقومها.

وبما أن لغة القرءان وطريقة وضع اَياته ليس لها مثيل، كذلك وجود سُوَرْ تبدأ بأحرف أبجدية ليس له أيضًا مثيل. وبما أنَّ تلك الأحرف الّتي تبدأ بها السورة هي آية الله في اللغة، فيصبح القرءان بذلك كتاب هو من صنع الله الكاتب الأول والأخير لهذا القرءان وليس من صنع البشر. لذلك قال تعالى في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ الإسرَاء
قُل لَّٮِٕنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُہُمۡ لِبَعۡضٍ  ظَهِيرًا (٨٨) وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا ڪُفُورًا (٨٩).

سُوۡرَةُ هُود
أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَٮٰهُ‌ۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٍ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَـٰتٍ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ (١٣) فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ‌ۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ (١٤).

سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَإِن ڪُنتُمۡ فِى رَيۡبٍ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ (٢٣) فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ‌ۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَـٰفِرِينَ (٢٤).

 

تكملة هذا الموضوع تجدونها في هذا الرابط بعنوان: هل ألم، ألر، حم، ق... هي أحرف إعجاز في القرءان الكريم؟ (2)

1 Jan 04, 2016