أسطورة الإسراء والمعراج (1)

Raed's picture
Author: Raed / Date: Mon, 04/18/2016 - 01:45 /

 

أسطورة الإسراء والمعراج (1)

 

1. مقدمة الموضوع:

هذه المقالة هي مقالة خاصة ومهمة جدًا عن قصة الإسراء والمعراج. هل قصة الإسراء والمعراج هي حقيقة أم هي كذبة كبيرة وأسطورة خيالية لا تمت للواقع بأي صلة؟ سوف نرى الجواب لاحقًا من خلال آيات القرءان الكريم.

أجمع علماء وفقهاء الأمة الإسلامية والّذين يُسمونهم بالسلف الصالح على أن الصلواة قائمة على خمس، وأن الصلوات الخمس هي أهم ركن من أركان الدين الإسلامي، وأنها فُرِضت من الله عز وجل، وأنها هي عماد الدين الإسلامي، وتاركها يدخل جهنم. لقد افتروا على الله عز وجل وعلى رسوله الأمين محمد عليه السلام الكذب من خلال كتب وأحاديث كاذبة ليس فيها أي شيء من الصحة. وقالوا أن الله أمر محمدًا بتلك الصلوات الخمس من خلال قصة أو بالأحرى أسطورة الإسراء والمعراج. إنَّ جميع كتب الأحاديث والسِّيرَة تقول بأنَّ الصلوات الخمس فُرِضت في رحلة الإسراء والمعراج، ونحن جميعًا قد سمعنا بِتِلك القصة الخَيالِيَّة، والّتي فيها أسوأ أنواع الكُفر، مِمّا يجعلني أشعر باستياء واشمئزاز وغَضب شديد، أوَّلاً بسبب احتِقار واستِهزاء الّذين يسمون أنفسهم بفقهاء وعلماء الأمة الإسلامية على الله جل في عُلاه وعدم إعطائِهِ حَقَّ قَدْرِهِ. وثانِيًا بسبب استِهزائهم بِالملائِكَة، وخاصَّة بِروح القُدُسِ جِبريل (عليهم السلام أجمعين). وثالِثًا بسبب اسْتِهْزاءهم بِالأنبِياء والرسل، وخاصَّةً بمُحَمَّدْ (سلام على جميع الأنبِياءِ والمُرْسَلين).

سوف أخبركم الآن عن أسطورة الإسراء والمعراج المفتراة على الله ورسوله. هذه الأسطورة تجدونها في عدة مصادر ومراجع إسلامية وسوف أخبركم عنها باختصار. وهِي واحِدة من القِصَص المختلِفة حول الإسراء والمعراج، وتفاصيلها مُختَصَرَة جِدًّا. وأنا لن آخذها وأناقشها بجميع جوانبها وبجميع ما جآء فيها في كتب السيرة والأحاديث الكاذبة، فهي لها تفاصيل كثيرة لا أرغب في تضييع وقتكم بمناقشتها. لذلك أخذت بعض جوانبها لمناقشته لأنه أكثر من كافٍ لإظهار الحق لكم، وهو أنَّ قصة الإسراء والمعراج الّتي يؤمن بها أكثر المسلمين هي أكبر كذبة في هذا العالم، وهي ليست إلاّ أسطورة وخرافة.

المصادر الّتي وردت فيها قصة الإسراء والمعراج هي:

كتاب صحيح بخاري، كتاب صحيح مسلم، كتاب الرَّحيق المختوم لِلشيخ صَّفِي الرحمن المبّار كفوري، كتاب حياة محمد لمحمد حسين هيكل وفيه سرد المستشرق دَرْمَنْجِمْ في كتاب حياة محمد هذه القصة مستخلصة من مختلف كتب السيرة، وكتب أحاديث وسيرة أخرى كثيرة.

 

2. الأحاديث الكاذبة المنقولة حول قصة الإسراء والمعراج:

والآن أريد أن أخبركم باختصار عن هذه الأسطورة:

إنَّ أُسطورة الكُفْرِ تقول بِأنَّ الرسول محمد عليه السلام قد ذهب في رحلة الإسراء بِجسدِهِ من المسجد الحرام (الّذي يقولون أنَّه في السعودِيَّة بِزعمِهِمْ) إلى المسجد الأقصا (الّذي يَقولون أنَّهُ بيت المقدس في فلسطين أيضًا بِزَعْمِهِم)، راكِبًا على البُراق (عربة مثل عربة بابا نُويل تجرها دابة ما بين الحمار والبغل) بِصحبة جبريل عليه السلام.
فنزل هناك وصَلَّى في باحة المسجد بالأنبِياءِ إمامًا (هذه أول كذبة: كيف صلى بالأنبياء وهو لم يتعلم الصلواة بعد. وثاني كذبة وضحك على الناس هي: يا لِلعَجَب كيف قابل الأنبياء وهم أموات؟ هل بُعِث الأنبياء من قُبورِهِم؟).
وبعد أن صلّى بالأنبياء ربط البُراق بِحلقة باب المسجِد (مع العلم أن المسجد الأقصى لم يكن موجودًا في زمن الرسول، لأنه بُنِيَ بعد وفاة الرسول بحوالي 150 سنة أو أكثر، كما يقولون في كتبهم، كتب الأحاديث والسيرة).
ثُمَّ عرج بالبراق تلك الليلة بجسده مع جبريل عليه السلام إلى السَّماوات السبع (نستطيع أن نتوقف هنا لنتسائل: هل محمد عليه السلام هو ملك يستطيع أن يعرج أي يرقى ويتنقل في السماوات السبع؟ ما هذا الاستهزآء الوقِح بالله والملائكة وجبريل ومحمد؟).
وفي طريق صعوده في السماء التقى في كل سماء بِنَبِيّْ أو أكثر وسلم عليهم وتحدث معهم (هل الأنبياء والرسل الّذين هم في عداد الأموات يعيشون بجسدهم في السماوات السبع؟ ما هذا الاستهزآء بالله وبأنبيائِه ورُسُلِهِ؟).
ثُمَّ رُفِعَ إلى سدرة المنتهى فقال له جبريل عليه السلام "إذا أنت أكملت خرقت وإذا أنا أكملت احترقت". (وهذا يعني أن محمدًا عليه السلام استطاع أن يَخرُق بِجسدِهِ ويقابل الله تعالى، أمّا جبريل عليه السلام بِكامِل قُوَّتِهِ فلم يستطِع أن يخرق ويقابل الله لِأنَّه إذا أكمل احترق. لقد جعلوا محمدًا الّذي هو مخلوق بشري مخلوق خارق وأقوى من جبريل الّذي هو روح القدس؟).
وعِندما عُرِجَ بِهِ إلى الجَّبّار جلَّ جَلالُهُ أي قابل الله تعالى، كان في حضرة العرش، ودنا مِنه الله حتى كان قاب قوسَيْنِ أو أدنى، ورأى محمد الله بِعين بَصيرتِهِ، ومدَّ العلِيُّ العظيم يَدًا على صدر محمد والأُخرى على كَتِفِهِ (ما هذا الكفر؟ لقد صوروا الله الكامل القوة والذي ليس كمثله شيء ولا تدركه الأبصار، على شكل إنسان مخلوق له يدين، "سبحان رَبِّ العِّزَّةِ عَمَّا يَصِفون")، فَأوحى إليهِ ما أوحى وفرض عليهِ خمسين صلاة.
وبعد المشاورة مع موسى والصُّعود والنُّزول من سماءِ موسى (السماء السادسة) إلى الله جَلَّ وعلا لِكي يَطلُب من الله تخفيف عدد الصلوات لأن قومه "كما أخبره موسى" لن يطيقوا هذا العدد الكبير من الصلاة، استجاب له الله وخَفّض له عدد الصلوات من 50 إلى 40 إلى 30 إلى... حتى وصلت إلى 5 بأجر خمسين، وأصبحت الخمس صلوات فرض المعترف بها في الدين الإسلامي.

 

3. قبل الدخول في الموضوع:

ما هذا الهراء والهرطقة والكفر والتطاول على الله، هل الله العلي الحكيم يأمر فقط أمة محمد دونًا عن سائر الأمم السابقة بأن يصلوا 50 صلواة في اليوم؟ وإذا أراد الله عز وجل أن يأمر قوم محمد ب50 صلواة، فهل يغير الله حكمه وأمره وإرادته من أجل محمد؟ وهو الّذي أخبرنا في سورة الكهف وغافر:

سُوۡرَةُ الکهف
قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْ‌ۖ لَهُ غَيۡبُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡ‌ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِىٍّ وَلَا يُشۡرِكُ فِى حُكۡمِهِۦۤ أَحَدًا (٢٦) وَٱتۡلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيۡكَ مِن ڪِتَابِ رَبِّكَ‌ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا (٢٧)

سُوۡرَةُ غَافر
هُوَ ٱلَّذِى يُحۡىِۦ وَيُمِيتُۖ فَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٦٨).

بمعنى أصح، هل محمد عليه السلام هو الّذي بيده القرار؟ أو هل محمد هو أعلم من الله بما يطيقه أو لا يطيقه قومه؟ أو هل محمد هو الّذي يأمر الله بما يراه مناسبًا أو غير مناسب والله (حاشآه) يطيعه في ما يأمره به؟ هل محمد هو الحكيم والعليم والخبير والسميع والبصير والمجيب والغفور والرحيم والعلي والعظيم؟ هل محمد هو الخالق، يعني هل محمد هو الله؟ وإذا كان باعتقاد علماء وفقهاء الأمة الإسلامية الكاذب أن الله قد خفض عدد الصلوات من 50 إلى 5 صلوات فرض من أجل محمد، لأن محمدًا علم من موسى بأن قومه لن يطيقوا ال50 صلاة، فلماذا يتطاولون إذًا على الله وعلى محمد ويُزايدون عليهم بصلواة السنة وصلواة النوافل وصلواة التهجد وصلواة التراويح وصلواة تحية المسجد وصلواة الميِّت وغيرها من الصلوات الشعائرية الّتي يقومون بها؟ أليس أولى بهم أن يطيعوا الله ورسوله ويكتفوا بالخمس صلوات فرض؟ وهل يُعقل أن يُزايِد محمد على الله ويأمر قومه بهذه الصلوات بحجة أنها سُنَّة بعد أن تشاور مع الله وبعد أن علم من موسى أن قومه لن يَطيقوا ولا حتى الخمس صلوات فرض؟

 

4. لماذا ابتدعوا أسطورة الإسراء والمعراج الكاذبة، وكيف؟

لقد ابتدعوا هذه القصة لكي يثبتوا أن القرءان ناقص، لأن الله عز وجل لم يذكر لنا أي شيء عن الخمس صلوات أو عن قصة الإسراء والمعراج المفتراة عليه في القرءان الكريم. بمعنى أصح، ابتدعوا هذه القصة لكي يثبتوا بذلك وحي السنة الكاذبة، فيُثبتوا بالتالي أن القرءان ناقص. ودليلهم على ذلك هو أن الصلواة الخمس مع عدد ركعاتها لم تُذكر في القرءان بل أتت من وحي السنة بزعمهم، "إذًا فالسنة هي وحي من الله وهي الّتي تُبيِّن وتكَمِّل القرءان".

كل ذلك فعلوه تكبرًا على الله تعالى بهدف تغيير قانونه، لكي يبعدوا الناس عن المعنى الحقيقي للصلواة ويضلونهم عن سبيل الله فيُردونهم ويلبسوا عليهم دينهم ويلهونهم بصلاتهم الزائفة ويعدونهم ويُمنّونهم ويُأمِّلونهم بالحسنات الّتي سوف يأخذونها في كل صلواة يُقيمونها، فيصبح الإنسان يكرر الخمس صلوات كل يوم كالببغاء فلا يستطيع أن يفقه أي شيء في حياته سوى تعداد حسناته في كل صلاة يصليها وجمع أكبر عدد ممكن من الحسنات كي يخفف الله عنه العذاب ويفوز بالجنة في الآخرة. هدف الأئمة وفقهاء الدين من كل هذا، هو أن يقل عدد المسلمين الحقيقيين في الأرض فيخلوا بذلك لهم الجو كي يسيطروا في الأرض ويطغوا ويعثوا فيها الفساد ويفعلوا ما يشاؤون فيها. من أجل ذلك احتكروا القرءان ومنعوا الناس عن سبق إصرار وترصد عن فهمه إلاَّ بإذنهم، وفقط من خلال كتبهم وأحاديثهم وتفاسيرهم وشريعتهم الباطلة، وابتدعوا قصة أنه ممنوع أن نقرأ القرءان إلاّ بتجويده أو ترتيله، علمًا بأنَّ كلمة تجويد لم تذكر في القرءان، وعلمًا بأنَّ كلمة ترتيل الّتي ذكرت في القرءان أتت من فعل رَتّلَ، ورتِلَ الشيء تعني تناسق وانتظم انتظامًا حسنًا، ورَتِلَ ورتّلَ الكلام أو القول تعني أَحسَنَ تأليفَهُ وتنظيمَهُ، والكلام الرَتِل يعني الكلام الحَسَن.

ونحن إذا نظرنا في مفهوم كلمة ترتيل في لغة القرءان نجد هذا المفهوم من خلال ما ورد في سورة الفرقان:

سُوۡرَةُ الفُرقان
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةً وَاحِدَةً ڪَذَالِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَ‌ۖ وَرَتَّلۡنَـٰهُ تَرۡتِيلاً (٣٢) وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا (٣٣).

إذا تدبرنا تلك الآيتين، نجد فيها تفسيرًا لمعنى قول الله عز وجل في آية (32) "ورتلناه ترتيلا"، ونجد كيفية هذا الترتيل ومعناه واضح جلِيّ في قوله تعالى في الآية التالية "وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا". إذًا "رَتَّلۡنَـٰهُ تَرۡتِيلاً" تعني "جاءه بالحقِّ وأحسن تفسيرًا"، أي جاءه بأحسن القول وأحسن الحديث.

وإذا نظرنا في قول الله عز وجل في آية (32): "ورتلناه ترتيلا"، وأردنا أن نأخذ مفهوم الترتيل بالمفهوم المُتعارف عليه بين الناس في الدين الإسلامي، فهل يُعقل أن نقول على الله سُبحانه وتعالى أنَّه قد رَتَّل القرءان لمحمد حين أنزله عليه كما يُرتِّلُهُ الّذين يقرؤون القرءان؟ وهل سمِع الرسول محمد صوت الله تبارك وتعالى وهو يُرتِّل له القرءان عندما أنزله وحيًا عليه؟ (سُبحانه وتعالى عمّا يصِفون).

لقد قالوا أيضًا أنه ممنوع أن نقرأ القرءان إلاّ بطريقة خاصة، أي ممنوع أن نقف على آيات القرءان، بل علينا أن نكمل قراءتها بالتشكيل الصحيح الّذي هم ابتدعوه، ومن لا يقرأه بتشكيله الصحيح يكون آثمًا. وقالوا أن كل حرف من أحرف القرءان نقرأه نأخذ به حسنات، وخاصة في شهر رمضان إذا ختمنا القرءان نأخذ حسنات كثيرة.

كل هذه الطرق والأكاذيب والألاعيب صنعوها لكي يخفوا حقائق كثيرة في القرءان فيبعدوا بذلك الناس عن معرفة حقيقة القرءان والدين الإسلامي. من أجل ذلك استغلوا القرءان بوضعه كواجهة لكي يثبتوا تقواهم لله أمام الناس من دون أن تنكشف نواياهم الباطلة، بحجة أنهم علماء وفقهاء الأمة الإسلامية وورثة الأنبياء، وواجب على كل إنسان مسلم اتباعهم بأحاديثهم وتفاسيرهم الكاذبة للقرءان على أنها من عند محمد وأنها تُبيِّن وتكمِّل القرءان، وإلاّ فإنه يكون كافرًا وخارجًا عن الدين الإسلامي والملة الإسلامية والجماعة.

كيف ابتدعوا هذه الأسطورة؟
لقد استخدموا آيات من سورة الإسراء ومن سورة النجم الّتي قالوا أنها المعراج، وحرفوا بمعانيها وزادوا عليها من الأحداث الخرافية بما لا يتقبله أي عقل سليم. إن القرءان الكريم لم يذكر لنا أي شيئ قطعيًا عن المعراج، فنحن لا نجد في أية آية من آيات سورة النجم كلمة معراج بتاتًا ولا حتى في كل آيات القرءان الكريم، ولكننا نجد فقط سورة المعارج وهي تختص فقط بالملائكة:

سُوۡرَةُ المعَارج
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

سَأَلَ سَآٮِٕلُۢ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) لِّلۡڪَـٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُ دَافِعٌ (٢) مِّنَ ٱللَّهِ ذِى ٱلۡمَعَارِجِ (٣) تَعۡرُجُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕڪَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيۡهِ فِى يَوۡمٍ كَانَ مِقۡدَارُهُ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٍ (٤).

 

5. لماذا أسرى الله عز وجل برسوله الأمين محمد عليه السلام؟ (نفي للأحاديث المنقولة الكاذبة الّتي تقول بأنَّ المعراج هو سورة النجم).

لقد ذكر لنا القرءان الكريم الإسراء في سورة الإسراء. وهناك بعض الآيات في سورة الإسراء والنجم تبين لنا المعنى الحقيقي للإسراء وتنفي نفيًا قاطعًا المعراج.

تعالوا معًا نتدبر آيات سورة الإسراء وسورة النجم:

سُوۡرَةُ الإسرَاء
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١) وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلۡنَـٰهُ هُدًى لِّبَنِىٓ إِسۡرَآءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَڪِيلاً (٢).

سُوۡرَةُ النّجْم
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (٥) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ (٦) وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (٨) فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ (٩) فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ (١٠) مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (١١) أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (١٢) وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦) مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).
 

آية (1) من سورة الإسراء:

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

نجد في هذه الآية الكريمة أنَّ الله عز وجل قد "أسرى بِمحمد لَيْلاً". لماذا أسرى به "ليلاً"؟ الجواب هو، لكي يعطيه السكينة في الّيل، لأن الله تعالى جعل الّيل سكنًا، نجد ذلك في سورة الأنعام:

سُوۡرَةُ الاٴنعَام
فَالِقُ ٱلۡإِصۡبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّيۡلَ سَكَنًا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ حُسۡبَانًا ذَالِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ (٩٦).

بمعنىً أصح، لقد أسرى الله عز وجل بمحمد عليه السلام ليلاً لكي يُرِيَهُ النور في ظلمات الّيل، أي لكي يخرجه من الظلمات إلى النور. كيف يخرجه من الظلمات إلى النور؟ يهديه بواسطة النجوم، لأن النجوم هي الّتي تُضيء لنا وتهدينا في ظلمات الّيل.  والمعنى الباطن للنجوم هو وحي آيات القرءان، لأنَّ القرءان هو الّذي يهدينا بآياتِهِ ويخرجنا من الظلمات إلى النور. إذًا فالقرءان هو النجم، والدليل على ذلك نجده في سورة الأنعام وسورة النحل:

سُوۡرَةُ الاٴنعَام
فَالِقُ ٱلۡإِصۡبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّيۡلَ سَكَنًا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ حُسۡبَانًا ذَالِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَہۡتَدُواْ بِہَا فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ‌ۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأَيَـٰتِ لِقَوۡمٍ يَعۡلَمُونَ (٩٧).

سُوۡرَةُ النّحل
وَأَلۡقَىٰ فِى ٱلۡأَرۡضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِڪُمۡ وَأَنۡہَـٰرًا وَسُبُلاً لَّعَلَّڪُمۡ تَہۡتَدُونَ (١٥) وَعَلَـٰمَـٰتٍ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَہۡتَدُونَ (١٦).

إذا قرأنا سورة النجم من آية (1) إلى آية (4)، نجد رابطًا قويًا بين إسراء الرسول محمد عليه السلام في الّيل في سورة الإسراء وبين النجم الّذي هوى.

سُوۡرَةُ النّجْم
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤).

كما نرى في هذه الآيات البينات أنَّ "النجم الّذي هَوى" هو "الوحي الّذي يوحى". ما هو هذا "الوحي الّذي يوحى"؟ هو بالتأكيد القرءان الكريم وليس السنة الباطلة. وكما ذكرت لكم في حلقة رقم 5 من فيديوهات حقيقة الإسلام من القرءان بعنوان "وحي السنة أم وحي القرءان"، فإنَّ النجم هو كناية عن جبريل لأن جبريل هو روح الله أي هو كتاب الله أي هو القرءان، إذًا فالنجم هو وحي القرءان.

 

6. لماذا أراد الله عز وجل أن يخرج رسوله محمد عليه السلام من الظلمات إلى النور؟

لأن الرسول محمد عليه السلام كان ضالاً وغافلاً عن عبادة الله الواحد الأحد ولا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، لأنه كان مشركًا بالله، فهو كان يعبد ما يعبد قومه من الملائكة من اللات والعُزّى ومنواة على أساس أنها بنات الله بزعمهم وأنها سوف تشفع لهم يوم القيامة، لذلك بعث الله عز وجل بنبيه ورسوله الكريم محمد لكي ينهاه وقومه عن هذه العبادة ولكي يُطهِّره ويُخرجه من الظلمات إلى النور.

الدليل نجده في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ الِضُّحىٰ
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

وَٱلضُّحَىٰ (١) وَٱلَّيۡلِ إِذَا سَجَىٰ (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ (٣) وَلَلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ (٤) وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ (٥) أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمًا فَـَٔاوَىٰ (٦) وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ (٧).

سُوۡرَةُ یُوسُف
نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن ڪُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَـٰفِلِينَ (٣).

سُوۡرَةُ الشّوریٰ
وَكَذَالِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحًا مِّنۡ أَمۡرِنَا‌ۚ مَا كُنتَ تَدۡرِى مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورًا نَّہۡدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَا‌ۚ وَإِنَّكَ لَتَہۡدِىٓ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ (٥٢).

سُوۡرَةُ یُونس
وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَـٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُ‌ۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِىٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُ مِن تِلۡقَآىِٕ نَفۡسِىٓ‌ۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ‌ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّى عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُ عَلَيۡڪُمۡ وَلَآ أَدۡرَٮٰكُم بِهِۦ‌ۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيڪُمۡ عُمُرًا مِّن قَبۡلِهِۦۤ‌ۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٦).

سُوۡرَةُ غَافر
قُلۡ إِنِّى نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِىَ ٱلۡبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّى وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٦٦).

سُوۡرَةُ المدَّثِّر
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡمُدَّثِّرُ (١) قُمۡ فَأَنذِرۡ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ (٤) وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ (٥).

هذه الآيات هي أكبر دليل على أن الرسول محمد عليه السلام لم يكن مؤمنًا منذ ولادَتِهِ كما يقولون في أحاديثهم الكاذبة والباطلة، وهي تنفي نفيًا قاطعًا الأكذوبة الخرافية على أن جبريل شق صدر الرسول وهو طفل وغسَّلَهُ وطهَّرَهُ بماء زمزم.

 

7. كيف أسرى الله عز وجل بعبدِهِ محمد ليلاً، ولماذا؟

إذا عدنا لآية (1) من سورة الإسراء:

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

نجد فيها قول الله تعالى: "من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى":
"من المسجد الحرام" تعني من الأرضِ، أي من الحياة الدنيا، أي من بدء خلق السماوات والأرض وما بينهما، أي من بداية خلق الإنسان (آدم).
"إلى المسجد الأقصا" تعني إلى الآخرة، أي إلى إعادة خلق السماوات والأرض وما بينهما، أي إلى إعادة خلق الإنسان (آدم) وبعثِهِ.

وإذا عدنا إلى سورة النجم وتدبرنا آياتها من آية (13) إلى (16):

سُوۡرَةُ النّجْم
وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦).

نجد رابطًا قويًا بين "المسجد الأقصا" في سورة الإسراء وبين "سدرة المنتهى" في سورة النجم. إن "المسجد الأقصا" الّذي ذكره الله تعالى في آية (1) من سورة الإسراء هو سدرة المنتهى الّتي عندها جنة المأوى.

كلمة أقصا في اللغة العربية تعني أبعد. وكلمة الأقصا تعني الأبعد أو الغاية البعيدة. وأقصا الشيء تعني أبعده أو نهايته. لذلك، فإن "المسجد الأقصا" هو "سدرة المنتهى" الّتي هي النهاية أو الآخرة، لأن كل شيء ينتهي إلى الخالق عز وجل. وتوجد عند سدرة المنتهى جنة المأوى، أي الجنة الّتي تأوي الأنفس المطمئنة أي المؤمنين والصالحين، كما أخبرنا الله تعالى في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ الفَجر
يَـٰٓأَيَّتُہَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَٮِٕنَّةُ (٢٧) ٱرۡجِعِىٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرۡضِيَّةً (٢٨) فَٱدۡخُلِى فِى عِبَـٰدِى (٢٩) وَٱدۡخُلِى جَنَّتِى (٣٠).

سُوۡرَةُ النَّازعَات
وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ (٤٠) فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِىَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (٤١).

سُوۡرَةُ السَّجدَة
أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلاَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (١٩).

والدليل على أن سدرة المنتهى هي الآخرة نجده في سورة النجم، آية (42):

سُوۡرَةُ النّجْم
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَہَىٰ (٤٢).

أما آية (17) و(18) في سورة النجم: "مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ، لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ" فهي تدلنا على أن ما يغشى سدرة المنتهى هو العذاب أي جهنم.

والدليل على ذلك نجده أيضًا في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ النّجْم
وَأَنَّهُ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ (٥٠) وَثَمُودَاْ فَمَآ أَبۡقَىٰ (٥١) وَقَوۡمَ نُوحٍ مِّن قَبۡلُ‌ۖ إِنَّہُمۡ كَانُواْ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ (٥٢) وَٱلۡمُؤۡتَفِكَةَ أَهۡوَىٰ (٥٣) فَغَشَّٮٰهَا مَا غَشَّىٰ (٥٤).

سُوۡرَةُ الدّخان
فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (١٠) يَغۡشَى ٱلنَّاسَ‌ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١).

سُوۡرَةُ طٰه
فَأَتۡبَعَہُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَہُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَہُمۡ (٧٨).

إنَّ الخلاف بين جهلاء الّدين ما يزال قائِمًا عن كيفية إسراء محمد "مِن المسجد الحرام" "إلى المسجد الأقصا"، ثمَّ العُروج بِهِ "من المسجد الأقصا" "إلى سدرة المنتهى"، على الرغم من أنَّ الله عز وجل قال في سورة الإسراء "مِن" "إلى"، ولم يَقُل "مِن" "إلى" ثُمَّ عُرِج بِهِ "إلى"، وللتذكير فإن "مِنْ" هِيَ نقطة بداية وإنطلاق و"إلى" هِيَ نقطة وُصول وإنتهاء.

إذا تابعنا آية 1 في سورة الإسراء:

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

"الّذي باركنا حوله لنريه من آياتنا": هذه الآية تدلنا على أنَّ الله عز وجل بارك حول رسوله الأمين محمد عليه السلام بالملائكة وروحه جبريل لكي يوحي إليه القرءان العظيم في الّيل عند الطور أي عند الجبل كما أخبرنا تعالى في آية (46) من سورة القصص. وتمامًا كما بارك حول موسى بالملائكة وجبريل عندما أوحى إلى موسى آيات التوراة في الّيل بالغربي أي عند الجبل لكي يرسله إلى فرعون كما أخبرنا تعالى في آية (7) و(8) من سورة النمل:

سُوۡرَةُ القَصَص
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذۡ نَادَيۡنَا وَلَـٰكِن رَّحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمًا مَّآ أَتَٮٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَڪَّرُونَ (٤٦).

سُوۡرَةُ النَّمل
إِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهۡلِهِۦۤ إِنِّىٓ ءَانَسۡتُ نَارًا سَـَٔاتِيكُم مِّنۡہَا بِخَبَرٍ أَوۡ ءَاتِيكُم بِشِہَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِىَ أَنۢ بُورِكَ مَن فِى ٱلنَّارِ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٨).

إذا قارنا آية (17) و(18) في سورة النجم بآية (1) في سورة الإسراء:

سُوۡرَةُ النّجْم
مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

نجد أيضًا رابطًا قويًا بين "لنريه من آياتنا" في سورة الإسراء وبين "لقد رأى من آيات ربه الكبرى".

ما هي آيات الله الكبرى؟ بالتأكيد هي آيات الآخرة وهي آيات الجنة وآيات جهنم. الدليل على ذلك نجده في سورة النازعات وهو دليلٌ واضح على أن الله عز وجل أرى أيضًا رسوله الأمين موسى عليه السلام إحدى آياته الكبرى الّتي هي آية العذاب أي جهنم، وذلك عندما "ناداه بالواد المقدّس طُوىً"، أي عندما ناداهُ "طُوىً" أي من دون إرادتِهِ، لكي يبارك حوله بجبريل والملائكة عندما أوحى إليه آياته عند الغربي (عند الجبل) لكي يرسله إلى فرعون.

سُوۡرَةُ النَّازعَات
هَلۡ أَتَٮٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ (١٥) إِذۡ نَادَٮٰهُ رَبُّهُ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (١٧) فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ (١٨) وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ (١٩) فَأَرَٮٰهُ ٱلۡأَيَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ (٢١) ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (٢٣) فَقَالَ أَنَا۟ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٢٤) فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأَخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ (٢٥) إِنَّ فِى ذَالِكَ لَعِبۡرَةً لِّمَن يَخۡشَىٰٓ (٢٦) ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُ‌ۚ بَنَٮٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّٮٰهَا (٢٨) وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَٮٰهَا (٢٩) وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَالِكَ دَحَٮٰهَآ (٣٠) أَخۡرَجَ مِنۡہَا مَآءَهَا وَمَرۡعَٮٰهَا (٣١) وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَٮٰهَا (٣٢) مَتَـٰعًا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ (٣٣) فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٣٤) يَوۡمَ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ (٣٥) وَبُرِّزَتِ ٱلۡجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ (٣٦) فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (٣٧) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (٣٨) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِىَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (٣٩) وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ (٤٠) فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِىَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (٤١) يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَٮٰهَا (٤٢) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكۡرَٮٰهَآ (٤٣) إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَہَٮٰهَآ (٤٤) إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخۡشَٮٰهَا (٤٥) كَأَنَّہُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَہَا لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا عَشِيَّةً أَوۡ ضُحَٮٰهَا (٤٦).

إذا تابعنا تلك الآيات البينات في سورة النازعات، نجد فيها عبرة لجنة المأوى وعبرة لجنهم المأوى أي الساعة. إنَّ هذه الآيات هي أكبر دليل على أن "الآية الكبرى" هي آية الساعة أو العذاب.

ما معنى كلمة لِنُرِيَه في آية (1) في سورة الإسراء وكلمة رأى ويرى في آية (11) و(12) و(13) و(18) في سورة النجم؟

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

سُوۡرَةُ النّجْم
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (٥) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ (٦) وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (٨) فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ (٩) فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ (١٠) مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (١١) أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (١٢) وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦) مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).

كلمة "رأى" في اللغة العربية تعني نظر بالعين أو بالعقل. وكلمة "رأى" في القرءان الكريم تعني عَلِمَ، أي نظر بالعين أو بالعقل. النظر بالعين هو البصر، والبصر في اللغة العربية وفي لغة القرءان هو العلم والعقل. والسمع في اللغة العربية وفي لغة القرءان هو أيضًا العلم. إذًا آية "لنريه من آياتنا" في سورة الإسراء تعني لنُعلِمه من آياتنا، أي لِيعطيه الله عز وجل علم الآيات. لذلك أكمل تعالى هذه الآية بقوله "إنه هو السميع البصير"، إي إن الله هو الّذي يعطي السمع والبصر، أي العلم. وما هو علم الله الّذي أعطاه لرسوله الكريم محمد عليه السلام؟ بالتأكيد هو وحي القرءان الكريم.

إذًا فإن آية (11) في سورة النجم: "مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ" تعني "ما كذب الفؤاد ما عَلِمَ" أي ما كذب الفؤاد عندما رأى النجم، أي عندما تعلم علم القرءان بوحي من الله. وهذه الآيةً لا تعني أن محمدًا رأى الله أو رأى جبريل على هيأته الحقيقية، ولكنه رأى "النجم" الّذي هو "الوحي" الّذي أوحاه الله عز وجل إليه بواسطة جبريل، أي تعلم علم القرءان بواسطة جبريل، ولذلك قال تعالى في آية (5) و(6) و(7) و(8) و(9) و(10): "عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (جبريل) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ. فَأَوۡحَىٰٓ (الله بواسطة جبريل) إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ (محمد) مَآ أَوۡحَىٰ (من القرءان)".
(سوف أستطرد لكي أعطي ملآحظة في غاية الأهمية، تبرأةً لمحمد رسول الله من قول حقير وزور قيل في حقِّهِ: إنَّ آية "ما كذب الفؤاد ما رأى" هي أكبر دليل على تصديق الرسول محمد عليه السلام الفوري بوحي القرءان أنه موحى من عند الله. مِمّا ينفي  الأكذوبة الحقيرة والوسخة الّتي افتروها على محمد الصادق الأمين رسول الله، والّتي تقول بأنَّ محمدًا ارتعش وخاف حين رأى جبريل بهيأته الحقيقية لدرجة أنَّهُ ركض إلى خديجة من شِدَّة خوفِهِ من الوحي وقال لها: "زمليني، زمِّليني"، فنزلت عليه سورة المُزَّمِّل. "ألا لعنة الله على الكاذبين").

وإنَّ آية (12) في سورة النجم: "أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ" تعني "أفتكذبونه على ما عَلِمَ" أي أفتكذبونه على علم القرءان أنه موحى من الله.

أما آية (13) في سورة النجم: "وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ" فهي تعني وتدل بل تؤكد على أن الله عز وجل لم يكتفِ وحسب بإعطاء رسوله محمد علم الوجودية وعلم السماوات والأرض وما بينهما (أي علم الحياة الدنيا)، بل أعطاه أيضًا علم الجنة وجهنم (أي علم الآخرة). أي أعطاه علم النجم أي علم القرءان كاملاً، من علم المسجد الحرام إلى علم المسجد الأقصا، لذلك قال تعالى في الآية 13: "وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ"، لكي يعلمنا أنَّ الوحي كان ينزل ولأكثر من مرَّة على رسوله الأمين محمد صلوات الله عليه لكي يتعلمه بأكمله. فالله عز وجل لم يوحي لمحمد آيات الوجودية وعلم الحيواة الدنيا فقط، ولكنه أوحى إليه أيضًا الآيات الّتي تتحدّث وتُخْبِرْ عن الآخرة أي عن الجنة وجهنم، ولذلك أكمل الله تعالى تلك الآية بالآيات الّتي تليها: "عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦)".

أما آية (18) في سورة النجم: "لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ"، فهي تعني "لقد علم من آيات ربه الكبرى"، أي لقد صَدّقَ بوحي علم الآخرة، أي صَدّقَ بعلم الجنة وجهنم. وإذا قرأنا الآية السابقة آية (17): "مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ"، فهي تعطينا الدليل لآية (18): "لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ"، لأن وحي القرءان هو العلم الّذي جعل الله عز وجل رسوله الأمين محمد صلوات الله عليه يُبصر بواسطته، تمامًا كما قال الله تعالى في آية (1) من سورة الإسراء: "إنه هو السميع البصير".
وإنَّ هذه الآية آية (17) من سورة النجم: "مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ" هي أكبر دليل على أن الرسول محمد عليه السلام آمن بوحي علم الآخرة تمامًا كما أوحاه الله عز وجل إليه ومن دون أن يزيد أو ينقص على هواه أي شيء أو أمر من هذا العلم.

هناك أدلة كثيرة في آيات القرءان تثبت لنا أن معنى رأى هو علم، سأذكر بعضًا منها:

سُوۡرَةُ النّجْم
مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (١١).

كيف يرى الفؤاد؟ وهل يستطيع الفؤاد أن يرى رؤيا العين؟ بالطبع لا. إذًا "رأى" تعني علِمَ.

سُوۡرَةُ النّجْم
أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِى تَوَلَّىٰ (٣٣) وَأَعۡطَىٰ قَلِيلاً وَأَكۡدَىٰٓ (٣٤) أَعِندَهُ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ (٣٥) أَمۡ لَمۡ يُنَبَّأۡ بِمَا فِى صُحُفِ مُوسَىٰ (٣٦) وَإِبۡرَاهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰٓ (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ (٣٨) وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَـٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (٣٩).

"أَعِندَهُ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ": أعنده علم الغيب فهو يعلم.

سُوۡرَةُ البَقَرَة
أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَآجَّ إِبۡرَاهِـۧمَ فِى رَبِّهِۦۤ أَنۡ ءَاتَٮٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إِذۡ قَالَ إِبۡرَاهِـۧمُ رَبِّىَ ٱلَّذِى يُحۡىِۦ وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا۟ أُحۡىِۦ وَأُمِيتُ‌ۖ قَالَ إِبۡرَاهِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأۡتِى بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِہَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ‌ۗ وَٱللَّهُ لَا يَہۡدِى ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٢٥٨).

"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَآجَّ إِبۡرَاهِـۧمَ فِى رَبِّهِۦۤ": ألم أُعلمك يا محمد عن نبأ الكافر كيف حاجَّ إبراهيم في ربِّهِ لأنّ ربَّهُ آتى إبراهيم المُلك أي الكتاب؟ هنا يُريد الله عز وجل أن يُعلم ويُخبر محمد من خلال آية (258) في سورة البقرة عمّا حدث بين الكافر وإبراهيم في زمن إبراهيم.

سُوۡرَةُ إبراهیم
أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ‌ۚ إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ وَيَأۡتِ بِخَلۡقٍ جَدِيدٍ (١٩).

"أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ‌": هل رأى الإنسان أن الله خلق السماوات والأرض بالحق؟ أجل، ولكن كيف؟ لقد رأى من خلال علم الله عز وجل عن هذا الأمر في القرءان.   

سُوۡرَةُ الإسرَاء
أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلاً لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (٩٩).

"أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ...": كيف "رأوا" أو علِموا بهذا الأمر؟ بالتأكيد من علم ما أخبرهم الله عز وجل به عن هذا الأمر في هذه الآية الكريمة وفي آيات أخرى في القرءان.

سُوۡرَةُ الاٴنبیَاء
أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ ڪَانَتَا رَتۡقًا فَفَتَقۡنَـٰهُمَا‌ۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَىۡءٍ حَىٍّ‌ۖ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ (٣٠).

هل رأى "الّذين كفروا" كيف بدأ الله عز وجل الخلق (The Big Bang) رؤيا العين؟ بالتأكيد لا. إذًا أين رأوا كيف بدأ الله الخلق؟ لقد جعل الله عز وجل الكُفّار يروا كيفية بدأ الله الخلق من خلال علم هذه الآية وآيات أخرى. إذًا لقد عرف الله عز وجل "الّذين كفروا" على وجوديته أنَّهُ هو الخالق الّذي بدأ الخلق من خلال آيات القرءان الكريم.

سُوۡرَةُ الحَجّ
أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَڪَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ‌ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُ‌ۗ وَمَن يُہِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكۡرِمٍ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ (١٨).

"أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلۡأَرۡضِ...": لقد أعلم الله عز وجل وأنبأ رسوله محمد عليه السلام من خلال هذه الآية وآيات أخرى في القرءان عن سجود جميع المخلوقات له.

سُوۡرَةُ العَلق
أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِى يَنۡهَىٰ (٩) عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ (١٠) أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ (١١) أَوۡ أَمَرَ بِٱلتَّقۡوَىٰٓ (١٢) أَرَءَيۡتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ (١٣) أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ (١٤).

"أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ": ألم يعلم هذا الكافر بأنَّ الله "يرى" أعماله أي يعلم ما يفعل من أعمال سيّئة؟

 

8. ما هي ليلة الإسراء؟

بعد قراءتنا وتدبرنا لآية (1) من سورة الإسراء ولآية (1) إلى (18) من سورة النجم، نجد الدليل القاطع على أن هذه الآيات من سورة النجم تدلنا على ليلة الإسراء. بمعنى أصح هي آيات الإسراء. أما ليلة الإسراء فهي ليلة القدر الّتي فيها أُنْزِلَ القرءان الكريم بوحي من الله عز وجل لأول مرة على الرسول محمد عليه السلام بواسطة الملائكة والروح الّذي هو جبريل حامل القرءان لكي يخرج رسوله الأمين ويخرج جميع الناس من الظلمات إلى النور، وينذرهم بيوم الحساب (يوم الفصل الّذي فيه يفرق الله بين الحق والباطل). وفي هذه الليلة أعطى الله عز وجل عبده ورسوله محمد علم القرءان من الألف إلى الياء، أي أعطاه علم سبب خلق السماوات والأرض وما بينهما إلى يوم القيامة.

نجد ما ذكرت في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ النّجْم
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (٥) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ (٦) وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (٨) فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ (٩) فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ (١٠) مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (١١) أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (١٢) وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦) مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

سُوۡرَةُ القَدر
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

إِنَّآ أَنزَلۡنَـٰهُ فِى لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ (١) وَمَآ أَدۡرَٮٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ (٢) لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٌ مِّنۡ أَلۡفِ شَہۡرٍ (٣) تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيہَا بِإِذۡنِ رَبِّہِم مِّن كُلِّ أَمۡرٍ (٤) سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ (٥).

سُوۡرَةُ الدّخان
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

حمٓ (١) وَٱلۡڪِتَـٰبِ ٱلۡمُبِينِ (٢) إِنَّآ أَنزَلۡنَـٰهُ فِى لَيۡلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ‌ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (٣) فِيہَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمۡرًا مِّنۡ عِندِنَآ‌ۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ (٥).

سُوۡرَةُ النّحل
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُ‌ۚ سُبۡحَـٰنَهُ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۤ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّآ أَنَا۟ فَٱتَّقُونِ (٢). 

هناك دليل آخر ذو أهمية كبيرة يُثبِت لنا أنَّ ليلة الإسراء هي ليلة القدر، نجده في آية (2) من سورة الإسراء:

سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلۡنَـٰهُ هُدًى لِّبَنِىٓ إِسۡرَآءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَڪِيلاً (٢).

إذا ربطنا آية (1) بآية (2)، نرى بأن الله عز وجل شبه لنا إعطاء الكتاب لموسى بإسراء محمد، ولذلك أكمل تعالى آية (1) بآية (2)، كي يعلمنا بأن ليلة الإسراء هي الليلة الّتي ءاتى الله عز وجل الكتاب لمحمد عليه السلام تمامًا كما ءاتاه في السابق لموسى عليه السلام. نجد ما ذكرت في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ الاٴنعَام
قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّڪُمۡ عَلَيۡڪُمۡ‌ۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـًٔا وَبِٱلۡوَالِدَيۡنِ إِحۡسَـٰنًا وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَـٰدَڪُم مِّنۡ إِمۡلَـٰقٍ نَّحۡنُ نَرۡزُقُڪُمۡ وَإِيَّاهُمۡ‌ۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ‌ۖ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ‌ۚ ذَالِكُمۡ وَصَّٮٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (١٥١) وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوۡفُواْ ٱلۡڪَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِ‌ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا‌ۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ ڪَانَ ذَا قُرۡبَىٰ‌ۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْ‌ۚ ذَالِڪُمۡ وَصَّٮٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (١٥٢) وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِى مُسۡتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ‌ۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦ‌ۚ ذَالِكُمۡ وَصَّٮٰكُم بِهِۦ لَعَلَّڪُمۡ تَتَّقُونَ (١٥٣)

ثُمَّ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِىٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلاً لِّكُلِّ شَىۡءٍ وَهُدًى وَرَحۡمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ (١٥٤)

وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ (١٥٥).

سُوۡرَةُ إبراهیم
الٓر‌ۚ ڪِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ (١) ...

وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡ‌ۖ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِى مَن يَشَآءُ‌ۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ (٤)

وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَـٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَڪِّرۡهُم بِأَيَّٮٰمِ ٱللَّهِ‌ۚ إِنَّ فِى ذَالِكَ لَأَيَـٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ  شَكُورٍ (٥).

سُوۡرَةُ القَصَص
وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡڪِتَـٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآٮِٕرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحۡمَةً لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣)

وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلۡغَرۡبِىِّ إِذۡ قَضَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ (٤٤) ...

وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذۡ نَادَيۡنَا وَلَـٰكِن رَّحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمًا مَّآ أَتَٮٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَڪَّرُونَ (٤٦)

وَلَوۡلَآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَـٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (٤٧) فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِىَ مِثۡلَ مَآ أُوتِىَ مُوسَىٰٓ‌ۚ أَوَلَمۡ يَڪۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُ‌ۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَـٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلٍّ۬ كَـٰفِرُونَ (٤٨) قُلۡ فَأۡتُواْ بِكِتَـٰبٍ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡہُمَآ أَتَّبِعۡهُ إِن ڪُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ (٤٩).

 

9. ماذا كان يعبد محمد قبل نزول الوحي؟ ما هو دينه قبل نزول الوحي؟
الدليل القاطع على أنَّ النجم هو وحي القرءان، وسبب نزوله على محمد وقومه:

سُوۡرَةُ النّجْم
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (٥) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ (٦) وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (٨) فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ (٩) فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ (١٠) مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (١١) أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (١٢) وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦) مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨) أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ (١٩) وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ (٢٠) أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ (٢١) تِلۡكَ إِذًا قِسۡمَةٌ ضِيزَىٰٓ (٢٢) إِنۡ هِىَ إِلَّآ أَسۡمَآءٌ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِہَا مِن سُلۡطَـٰنٍ‌ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُ‌ۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّن رَّبِّہِمُ ٱلۡهُدَىٰٓ (٢٣) أَمۡ لِلۡإِنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ (٢٤) فَلِلَّهِ ٱلۡأَخِرَةُ وَٱلۡأُولَىٰ (٢٥) وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ لَا تُغۡنِى شَفَـٰعَتُہُمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ (٢٦) إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةَ تَسۡمِيَةَ ٱلۡأُنثَىٰ (٢٧) وَمَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ‌ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ‌ۖ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِى مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔا (٢٨) فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا وَلَمۡ يُرِدۡ إِلَّا ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (٢٩) ذَالِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ‌ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ (٣٠) وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ لِيَجۡزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجۡزِىَ ٱلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ بِٱلۡحُسۡنَى (٣١).

إذا تابعنا هذه الآيات بشكل مترابط، نجد وبكل بوضوح السبب لتكملة وربط الله تعالى آيات (1) إلى (18) بالآيات الّتي تليها، (19) إلى (31)، أي بآيات اللات والعزّى ومنواة إلى آخر الآيات. وإذا قرأنا تلك الآيات نرى من خلالها دليلاً آخرًا قويًّا على أن النجم هو وحي القرءان الّذي أوحاه الله تعالى لمحمد عليه السلام في ليلة الإسراء أي ليلة القدر بهدف أن يخرجه وجميع الناس من الظلمات إلى النور، وينهاه وقومه عن عبادة الملائكة، ويعلمه وقومه بأن الملائكة ليسوا إناثًا وهم ليسوا بنات الله، ولن يشفعوا لهم عند الله في الآخرة. فكما ذكرت لكم في أعلاه، فإنَّ محمدًا عليه السلام كان ضالاً وغافلاً عن عبادة الله الواحد الأحد، لأنه لم يكن يعبد الله مخلصًا له الدين، بل كان يُشرك بعبادة ربه الملائكة تمامًا كما كان يفعل قومه.

 

10. لمتابعة هذا الموضوع أضغط على هذا الرابط: أسطورة الإسراء والمعراج (2)

21 Apr 17, 2016